إن التبول الليلي اللاإرادي عند الأطفال هو ظاهرة غير حديثة ، وشائعة جدا ً ، حيث تشير الدراسات إلى أن 16-20% من الأطفال يعانون من هذه المشكلة بين عمر 5 – 15 سنة ، وكذلك فإن 2-3% ممن عمرهم أكثر من 19 سنة يعانون من هذه المشكلة أيضا ً ، وهذا يعني أن مشكلة التبول الليلي اللاإرادي تصيب شخص من بين كل سبعة أشخاص بين عمر 5-19 سنة .
إن هذه المشكلة تصيب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 2:3 ، ولها تأثيرات نفسية شديدة على الأطفال ، بحيث يصبح الطفل المصاب خجولا ً منطويا ً على نفسه وقد يصبح موضع سخرية أو تأنيب لأمر لا إرادة له فيه ، و يمنع هذا الطفل من المشاركة في كثير من النشاطات المفيدة ، كالسفر و المبيت خارج المنزل عند أحد الأصدقاء أو الأقارب ……إلخ .
* لماذا يبلل الأطفال أنفسهم ليلا ً :
– أولا ً : إن معظم آباء و أمهات الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة يقولون أن أطفالهم ينامون بشكل عميق ويصعب إيقاظهم .
– ثانيا ً : إن آباء و أمهات الأطفال يقولون أن أطفالهم يبللون ملابس النوم و أغطية السرير وبمساحة كبيرة وهذا يقودهم إلى الاستنتاج أن أطفالهم يفرزون كميات كبيرة من البول أثناء النوم .
من الناحية الفسيولوجية ، فإن الإنسان الطبيعي يفرز هرمون يسمى Vasopressin ( الهرمون المانع للإدرار) ليلا ً ويعمل هذا الهرمون على تقليل كمية البول المفرزة ليلا ً بحيث تكون 25% من تلك التي تفرز أثناء النهار ، مما يعطي الأطفال فترة كافية أكثر من 8 ساعات لملء المثانة وبالتالي الحاجة إلى الذهاب إلى الحمام .
أما في حالة التبول الليلي اللاإرادي ، فإن هناك خللا ً في إفراز هذا الهرمون ليلا ً ، وهذا يعني أن كمية البول المفرزة تكون كبيرة وتقارب كميتها أثناء النهار و حيث أن هؤلاء الأطفال يمتازون بالنوم العميق، فإنهم لا يستيقظون لإفراغ المثانة، ويبللون أنفسهم .
– ثالثا ً : هنالك علاقة واضحة بين التبول الليلي اللاإرادي عند الأطفال و الوراثة ، حيث تشير الدراسات إلى أنه إذا كان أحد الوالدين عانى من هذه المشكلة سابقا ً فإن هناك احتمال 40% أن يصاب أحد الأطفال أيضا ً ، أما إذا كان كلا الوالدين عانى من هذه المشكلة فإن نسبة إصابة الأولاد 70% .
– رابعا ً : هل هو مرض نفسي ؟
تشير الدراسات أن التبول الليلي اللاإرادي ليس مرضا ً نفسيا ً ولا يحدث نتيجة للضغوط أو الاضطرابات النفسية ، وإنما على العكس وجود هذه المشكلة وعدم علاجها ، يؤثر سلبا ً على حياة الطفل و إبداعه و ثقته بنفسه ، وعند علاج المشكلة تعود للطفل الثقة بالنفس بحيث يصبح أكثر سعادة ، ويتحسن أداؤه في المدرسة .
– خامسا ً : هل يمكن أن يكون التبول الليلي اللاإرادي نتيجة مرض عضوي ؟
غالبا ً لا يكون الوضع كذلك، فقط 2% من الأطفال الذين يعانون من التبول الليلي اللاإرادي يكون ذلك نتيجة مرض عضوي ، كالتهاب المثانة أو مرض السكري .
– سادسا ً : هل مثانة الأطفال صغيرة ، كما يعتقد بعض الآباء و الأمهات ؟
بعض الآباء و الأمهات يعتقدون أن مثانة أطفالهم صغيرة ، وهذه حالات نادرة جدا ً وتمتاز بأن الطفل يذهب إلى الحمام بشكل متكرر أثناء النهار ويخرج كميات صغيرة من البول مع مصاحبة ذلك بتبول ليلي لاإرادي ، وحتى في هذه الحالة غالبا ً ما يكون هناك زيادة في كمية البول المفرزة ليلا ً .
إن بعض الآباء و الأمهات يعالجون هذه المشكلة بجعل أطفالهم يلبسون الحفاظ أثناء النوم ، ولكن معظم الأخصائيين يعتقدون أن هذا الحل يطيل المشكلة ، ويجعل الأطفال يركنون على الحفّاظ ولا يسعون إلى حل مشكلتهم .
وهناك خطر آخر من لبس الحفّاظ عند الذكور ، وذلك أن درجة حرارة الخصيتين قد ترتفع إلى درجة حرارة الجسم . فمن المعلوم أن الخصيتين تقعان خارج جسم الإنسان وهم أبرد بعدة درجات من درجة حرارة الجسم ، ولذلك ارتفاع درجة حرارة الخصيتين نتيجة وجود حفّاظات بلاستيكية طوال الليل ولفترة طويلة من عمر الذكر قد يقلل من نسبة الخصوبة عند هؤلاء الأطفال في المستقبل .
* علاج التبول الليلي اللاإرادي :
هناك عدة أفكار و اعتقادات لعلاج هذه المشكلة، بعضها قد يفيد والبعض الآخر لا فائدة منه نناقش منها :
– التقليل من شرب السوائل ليلا ً عند الأطفال :
قد يفيد ذلك بعض الشيء ولكنه لا يحل المشكلة ، كون أن الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة يعانون من نقص الهرمون المانع للإدرار Vasopressin ، وبالتالي فإن دماغهم يستمر في إعطاء أوامر بزيادة كمية البول المفرزة ليلا ً حتى و إن قلت كمية السوائل التي يشربها الطفل . إلا ّ أننا نؤكد هنا أن التقليل من مادة الكافيين و السكر ليلا ً و السوائل التي تحتوي على هذه المواد ، وحتى جميع السوائل قد تفيد في حل هذه المشكلة إلا ّ أنها تكون غير كافية .
– وضع منبه وإيقاظ الطفل ليلا ً للتبول :
هذه الطريقة بوضع منبه ليلا ً أو قيام الوالدين بإيقاظ الطفل ليلا ً للتبول قد تقلل عدد مرات التبول الليلي اللاإرادي ، إلا ّ أنها لا تعلّم الطفل بأن يستيقظ بنفسه لإفراغ المثانة ، ولا يمكن للوالدين أن يستمروا في هذه الطريقة لفترة طويلة ، كما أنهم عندما يتوقفون عن إيقاظ الطفل فإن المشكلة تعود كما كانت .
– الانتظار حتى يكبر الطفل ويتخلّص من هذه المشكلة لوحده :
هذا ما يعتقده كثير من الآباء و الأمهات ، إلا ّ أننا لا ننصح به من الناحية الطبية ، وذلك لعدة أسباب :
1- لا يمكن التنبؤ بالموعد أو العمر الذي سوف يتوقف عنده طفلك عن التبول الليلي اللاإرادي ، حيث كما ذكرنا فإن 2-3% من الأطفال يستمرون في هذه المشكلة حتى عمر 18 سنة و أكثر .
2- التأثير السلبي الواضح على الطفل ، وفقدان ثقته بنفسه ، و التقليل من التركيز و العطاء في المدرسة ، و فقدان ثقته أمام أخوانه و أهله و زملائه في المدرسة.
3- المعاناة المستمرة للأمهات من جراء التنظيف أو المعاملة المستمرة مع البول كل ليلة .
4- عند الأولاد كما ذكرنا سابقا ً ، الخوف من إرتفاع حرارة الخصيتين إذا تم استخدام الحفاظات ، وتأثيره المحتمل على الإنجاب في المستقبل .
* من كل ما سبق نستنتج التالي :
– إن مرض التبول الليلي اللاإرادي شائع جدا ً ، ويجب على الآباء و الأمهات معالجة أبنائهم الذين تجاوزوا عمر 5 سنوات وما زالوا يعانون من هذه المشكلة .
– يجب استشارة الطبيب الاختصاصي قبل البدء بالعلاج وذلك لاستبعاد أي أمراض عضوية قد تكون السبب في التبول الليلي اللاإرادي .
– يجب عدم معاقبة الطفل أو تأنيبه بل على العكس، يجب دعمه وتشجيعه للتخلص من هذه المشكلة.
– يجب عدم ترك المشكلة لفترة طويلة حيث أنه مع تقدم السن يزداد الضغط النفسي وتزداد صعوبة حل المشكلة.
– إن أفضل طريقة لعلاج هذه المشكلة هي إيجاد التوازن الطبيعي بين كمية البول المنتجة ليلا ً وحجم المثانة ويتم ذلك عن طريق العلاج السلوكي ، وتقديم نصائح للأطفال حول كمية ونوع السوائل التي يجب شربها ، بالإضافة إلى إعطاء الأطفال بعض الأدوية التي تساعدهم على ذلك وتخفف كمية البول المفرز ليلا ً . و بالتالي يبقى الطفل جافا ً حتى الصباح .
وفي بعض الحالات نستخدم بعض الأجهزة الخاصة التي تعلم الطفل كيف يستيقظ ليلا ص لإفراغ مثانته ، وبعد ذلك كيف يسيطر على مثانته الممتلئة حتى الصباح دون أن يبلل نفسه .
©2018-2023, All rights reserved to Arab Center for Urogynecology and Infertility. Powered By Creativity Design Studio |جميع الحقوق محفوظه للمركز العربي للجراحة البوليه النسائية و العقم | الدكتور رامي محافظة